الواقع التعايش مع الواقع
يعتبر التعايش مع الواقع جزءاً أساسياً من حياة الإنسان وتجربته اليومية ويشير مفهوم «التعايش مع الواقع» إلى القدرة على قبول الحقائق والظروف الحالية والتكيف معها بشكل صحيح وبنّاء، فهي مهارة مهمة تساعدنا على مواجهة التحديات والضغوط في الحياة والتعامل معها بشكل إيجابي.
عندما نلقي نظرة على القرآن الكريم والسنة النبوية، نجد العديد من الأدلة والتوجيهات حول التعايش مع الواقع وتحقيق التوازن في حياتنا؛ لنستطيع التعامل مع الحقائق بحكمة وصبر. ذكر الله تعالى في سورة البقرة، الآية 286: «لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا»، وهذا يشير إلى أن الله لا يضع علينا أعباء لا نستطيع تحملها. إنه يدعونا سبحانه لقبول الواقع والتعامل معه بحسب قدراتنا وإمكانياتنا.
ومما لا شك فيه فإننا ندرك بالتعايش مع الواقع الحقائق كما هي دون تلوينها أو تحريفها، ونتقبل الواقع ونتعامل معه بوعي وصبر، يشمل أيضاً القدرة على التكيف مع التغيرات والمواقف الصعبة، وتقبل الخسارة والفشل، والتغلب على العقبات والمشاكل.
دعوني أشارككم بقصة معبرة تعكس هذا المفهوم، كان هناك رجل يعيش في قرية صغيرة يملك حقلاً صغيراً لزراعة القمح وفي عام ما، تعرضت محاصيله الزراعية لعاصفة شديدة أدت إلى تدمير الحقل تمامًا، غضب الرجل وحزنه لم يكن لهما حدود، فقد فقد مصدر رزقه ومعيشته.
ومع ذلك بدلاً من الانغماس في الحزن والشكوى، قرر الرجل أن يتعايش مع الواقع ويستفيد من الفرص المتاحة، ونتيجة لذلك بدأ يتعلم حرفة جديدة من خلال صنع السلال من القش المتناثر في الحقل فتمكن الرجل من بيع السلال وكسب رزقًا جديدًا.
واستخلاصاً نتعلم أن التعايش مع الواقع يتطلب الصبر والإيمان والتصرف السليم وقد يكون هناك تحديات في الحياة تجبرنا على تغيير مسارنا وتكيفنا مع الظروف الجديدة. ومن الحكمة أن نتعلم من هذه القصص، فهي توجهنا لنكون أشخاصاً قادرين على تحقيق التوازن والسعادة في حياتنا. علاوة على ذلك فإن التعايش مع الواقع يعني أيضًا تقدير الواقع برؤية إيجابية ومنظور واقعي وقد يكون هناك تحديات ومشاكل في الحياة، يتطلب منا النظر إلى الجوانب الإيجابية والعمل على تحقيق التغيير والتحسين في الأمور التي يمكننا التأثير عليها وبناء حياة تعكس توازناً مستداماً بين الواقع وحياتنا.
ولابد من التأكيد على أن من الجوانب المهمة للتعايش مع الواقع هو أن نكون واقعيين بشأن قدراتنا وقيودنا كما يجب علينا أن ندرك ما يمكننا تحقيقه ونتعامل مع الحقائق بشكل موضوعي وقد يتطلب ذلك تحديد الأهداف الواقعية والعمل على تحقيقها بخطوات ملموسة.
أخيراً، التعايش مع الواقع يساعدنا على الحفاظ على صحتنا العقلية والعاطفية، وتقليل التوتر والقلق، وبناء علاقات إيجابية مع الآخرين إنه عملية مستمرة تتطلب الوعي والتدريب والتطبيق العملي.
عبدالله بن يوسف العثمان